شتّان بين سوريا عام 2006 وسوريا عام 2024، بالنسبة الى النازحين من لبنان، ففي حرب تموز كانت الدولة السورية بكامل قوتها وسطوتها، وكان خطاب "شكرا سوريا" لا يزال طازجاً، وكان النزوح مختلفاً عما هو عليه اليوم، وهذا ما جعل ما حصل بخصوصهم أفضل بكثير من نزوح 2024، وهذا ما يرويه لبنانيون هربوا الى سوريا مع اشتداد العدوان على لبنان في 23 أيلول الماضي.
يقول أحد اللبنانيين المتواجدين هناك "منذ بداية العدوان تبدأ المشاكل من الحدود، لكنها تبقى بسيطة إذا ما قورنت بظروف الحياة في العاصمة السورية، مشيراً عبر "النشرة" الى أن حجم المساعدات يكاد لا يُذكر، بالإضافة الى استحواذ سوريين على المساعدات قبل وصولها الى النازحين، مشدداً على أن وضع اللبنانيين الذين استأجروا منازل على نفقتهم الخاصة أفضل من الذين لجأوا الى طلب المساعدة من الدولة السوريّة.
قد تكون الإشاعات التي ترافق وجود اللبنانيين في سوريا كثيرة، وحتى تلك التي ترافق عمل حزب الله هناك، فهناك إشاعات حول تضييق وطرد ومصادرة مخازن أسلحة، وهناك أخبار حقيقيّة عن مضايقات وقلة اهتمام، لكن بالنتيجة فإن ما يجري مع اللبنانيين هناك ينطلق من أسباب عديدة أبرزها بحسب مصادر لبنانية متابعة لهذا الملف:
1-السبب البديهي والمباشر هو ضعف الدولة السورية اقتصادياً وسوء وضعها المالي، ما يجعلها شبه غائبة من جهة عن المساعدة، ويجعل العاملين بملف النزوح لديها راغبين بالحصول على شق من المساعدات التي تُقدم.
2-السبب الثاني بحسب المصادر هي الحرب الطويلة التي حصلت ولا تزال مستمرة في سوريا، وهي خلقت الأحقاد بين فئة من السوريين وأخرى من اللبنانيين، وهي تبرز بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي وتعكس واقعاً لا يمكن التهرّب من وجوده، وينبغي التعامل معه. وبحسب المصادر هذه الأسباب تتعلق بالشق الاجتماعي وطبيعة الناس.
3-السبب الثالث هو سياسي حيث تتعرض سوريا لحملة عربية ودولية لحثّها على حيادها في الحرب الجارية في المنطقة، وهذه الحملات شكّلت ضغطاً على القيادة السورية التي رغم حيادها، وتأثير هذا الأمر على العلاقات مع بيئة المقاومة في لبنان المتواجدة في سوريا، تتعرض اليوم لمشروع إسرائيلي يطال أراضيها، ليست تلك المحتلّة وحسب، بل الأراضي الحرة التي تتعرض للغزو في بعض النقاط، وللقصف والاستهداف في نقاط أخرى.
وتكشف المصادر أن المشروع الإسرائيلي الكبير للمنطقة لم يُخرج سوريا من حساباته، فما هو مطروح اليوم يطال حدودها مع فلسطين المحتلة لناحية الجولان، حيث تُعيد إسرائيل طرح رغبتها أولا بضم الجولان رسميا، وثانياً بخلق منطقة منزوعة السلاح تماماً، ولناحية لبنان أيضاً حيث يتضمن المشروع نشر قوات دولية للمراقبة ومنع انتقال السلاح من إيران الى لبنان عبر سوريا، أو بناء المزيد من الأبراج التي تُدار لنفس الغاية.
يعاني بعض اللبنانيين من الذين نزحوا الى سوريا من التعب الذي دفعهم بحسب ما علمت "النشرة" الى المغادرة باتجاه العراق، وهو ما سنتطرق إليه في موضوع مفصّل قريباً.